فصل: فصل: ولا يتم الإسلام إلا بالبراءة مما سواه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


فصل‏:‏ ولا يتم الإسلام إلا بالبراءة مما سواه

كما قال الله تعالى‏:‏ عن إبراهيم الخليل ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏{‏وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون‏.‏ إلا الذي فطرني فإنه سيهدين‏.‏ وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 26‏:‏ 28‏]‏‏.‏

وبين أن لنا فيه أسوة حسنة فقال تعالى‏:‏ ‏{‏قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاءو منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 4‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 1‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ‏.‏ فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 52‏]‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون‏}‏ ‏[‏المجادلة‏:‏ 22‏]‏‏.‏

والبراءة نوعان‏:‏

الأول‏:‏ براءة من عمل‏.‏

الثاني‏:‏ براءة من عامل‏.‏

فأما البراءة من العمل‏:‏ فتجب من كل عمل محرم سواء كان كفرًا، أم دونه فيبرأ المؤمن من الشرك، والزنى، وشرب الخمر ونحو ذلك بحيث لا يرضاه ولا يقره، ولا يعمل به، لأن الرضا بذلك، أو إقراره، أو العمل به مضادة لله تعالى‏:‏ ورضا بما لا يرضاه‏.‏

وأما البراءة من العامل‏:‏ فإن كان عمله كفرًا وجبت البراءة منه بكل حال من كل وجه لما سبق من الآيات الكريمة، ولأنه لم يتصف بما يقتضي ولاءه‏.‏

وإن كان عمله دون الكفر وجبت البراءة منه من وجه دون وجه فيوالى بما معه من الإيمان والعمل الصالح، ويتبرأ منه بما معه من المعاصي، لأن الفسوق لا ينافي أصل الإيمان، فقد يكون في الإنسان خصال فسوق، وخصال طاعة، وخصال إيمان، و خصال كفر كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين‏.‏ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم‏}‏ ‏[‏الحجرات‏:‏ 9‏:‏ 10‏]‏‏.‏ فجعل الله تعالى‏:‏ الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة المصلحة، ووصفهم بالإيمان مع أن قتال المؤمن لأخيه من خصال الكفر لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏سباب المسلم فسوق وقتاله كفر‏)‏‏.‏ ولم تكن هذه الخصلة الكفرية منافية لأصل الإيمان ولا رافعة للأخوة الإيمانية‏.‏ ولا ريب أن الأخوة الإيمانية مقتضية للمحبة والولاية ويقوى مقتضاها بحسب قوة الإيمان والاستقامة‏.‏

وهذا الأصل ـ أعني أنه قد يجتمع في الإنسان خصلة إيمان، وخصلة كفر ـ هو ما دل عليه الكتاب، والسنة، وكان عليه السلف والأئمة، فتكون المحبة والولاية تابعة لما معه من خصال الإيمان، والكراهة والعداوة تابعة لما عنده من خصال الكفر‏.‏